ذاكرة العشق...

mostafa رقم العضوية : 1

.

ذاكرة العشق.

"12"

قالت لي أمي لما جيت الشهداء:

"إنت رايح الشهداء يا إبراهيم؟ قلت لها،"نعم"، قالت: "

بإذن الله، بإذن الله من بيتك لشغلك للجامع، إن لقيت حد من الصالحين اقعد معاه، ملقتش اقعد فى وسط أولادك،

وامشى من جار الحيط يا ولدي، وربنا اللى بيظهرنا يا إبراهيم، وروح يا ولدي ربنا يكفيك شر الفتن ما ظهر منها وما بطن...، والله الله يا ولدي..."، كأن الحيطان بتتكلم معاها، " إيه يا أمي مش فاهم!" انتفضت قالت:"خلي ربنا بين عينيك فى كل أمورك، واعلم إن احنا معاك يا ابن القلب دى كانت شدة... شدة"، وبعدين صليت على النبي، صلى الله عليه وسلم، لما رحت عند سيدنا الحسين بكيت، كنت بروح سيدنا الحسين كل يوم، ورايح وجاي باحود عليه، يا من بك يرحمنا الله صلى الله عليه وسلم، عز علي مصر إللي عشت فيها من 52 قبل ما اتزوج. لقيت ستنا السيدة زينب عليها رضوان الله، ادتنى ظرف أصفر مختوم بختم النسر، وعليه ريال فضة فكان النقل.

ولما راحت أمي حميثرا، وغابت علي وقالت" أنا مش جايه"، واتصل بمصر اسألهم عن أمي(يبكي) يقولوا،"ماجتش!"، أنا كنت عارف إنها مش جايه. بس الشوق مغلبني وغلبني.فقلت:

يا ساكني بحميثرا

دمعي على خدي جرى

روحي تهيم إليكم

تطوي الفيافي والقرى

والنوم فارق مقلتي

يا سادتي مما جرى

طال انتظاري، وليس لي

عين لغيركم ترى

ويهيم قلبي كلما

لزكيتي يتذكرا

ويزيد فى دقاته

شوقا لوادي حميثرا

أمى زكية مريم

بل زينب الحاضرا

نسل النبي محمد

جد الحسين الطاهرا

ياروحي روحي وسلمي

ع الشاذلي غوث الورى

واستسمحيه فى امنا

دمع الأحبة أحمرا

يا شاذلي اعطف على

صب أتاك حميثرا

صب أتاك متيم

في دمعه بل الثرى

يستسمحك فى أمه

عودا بها للقاهرا

يخضر أعوادا لها

بحسيننا والطاهرا

يا شاذلي عذراً لمن

يأتي حماك مكررا

والدمع فوق خدوده

عن أمه مستخبرا

ذاب الفؤاد وعلتي

عن مهجتي لن أصبرا

فزكيتي هى قدوتي

لوسيلتي خير الورى

وهى التى لوفائها

دام العطاء مع القرى

وهى التى لحنانها

صخر الجبال تأثرا

وهى التى جادت بما

تملك يداها وأكثرا

وهى التى زانت

طريق الشاذلي الأوعرا

وكأنها الشمس التى

ضاءت وادي حميثرا

وكأنها البدر الذي

يمحو الظلام إذا سرى

وكأنها النجم الذي

يهدي البصير الحائرا

وكأنها البحر الذي

يروي الثرية والثرى

وكأنها النبت الذي

بين الأحبة أثمرا

وكأنها الباع الذي

طال السحاب فأمطرا

وكأنها الجبل الذي

دوما يؤب ويشكرا

وكأنها الحوض الذى

يروي الظماء بلا مرى

وكأنها الصوت الذي

فوق المآذن كبرا

وكأنها النور الذي

مس الضرير فأبصرا

وكأنها الركن الذي

يأوي الضعيف المعسرا

وكأنها الرمز الذي

بهر العقول وحيرا

وكأنها سفن النجاة

لمن أتاكم زائرا

وكأنها النص الذي

باسم الإله تفسرا

وكأنها كهف الغريب

لمن أتى مستنصرا

كم فرجت من كربة

لما رأت متعسرا

كم أحسنت لمسيئها

مهما أساء وكررا

كم آثرت عن نفسها

لله ترجو الآخرة

قامت على المعروف

للملهوف عونا باهرا

وتقدمت بيمينها

تهمي العطاء معطرا

فمن الحسين أصولها

سبط النبي المنذرا

والأولياء جميعهم

والأتقياء على الورى

والله عنكم سادتي

بكتابه قد أخبرا

و لهذا روحي بعتها

لله، والله اشترى

وعلى الكريم توكلي

يا شاذلي ماذا ترى

إنى أتيتك سيدي

مع أنني متأثرا

أهدي إليك تحية

أهدى سلاما عاطرا

ثم الصلاة على النبي

وآله خير الورى

تكلمت أمي بفتوحات غير ذلك، لكني لم أعيها كاملا حين قالتها، مثلا أما قالت: "ندخل من باب الذل والانكسار."،

لم تظهر لي حروف هذه الكلمات نورا إلا بعد انتقالها.

بعد انتقالها كنت أهيم على وجهي بعيدا عن بلدتي،

هناك في طريق مهجور، طريق المشروع إلى عزبة زهو،

أفكر في كل ماقالته أمي،

والدموع لا تنقطع، فكأنها كانت تملي علي معان غامضة،

تبين وتظهر لي حين رجوعي منزلي،

فأنشدها شعرا على وقع إيقاع الدف،

ومع طلوع الصباح تكتمل قصيدة كاملة.

.

» ذاكرة العشق... 11
» ذاكرة العشق... 14
» ذاكرة العشق... 16