.
فى يوم من الأيام كنت رحت ازورها
فى سيدى أبو الحسن آخر مرة،
وكنا فى شهر طوبة رحت لها وتذكرت
كلمة: "أمك صحيح ما بتشوفش بعينيها الاثنين،
ولكن هم بيورونى كل حاجة!!"،
فأنا انقبضت لما قالت لى الكلام ده،
ولكن تذكرت قبل ما اركب القطار وروح لها،
فقررت بينى وبين نفسى أروح لأحسن دكتور
عيون فى القاهرة واكشف على عيني الاثنين
والعين السليمة اتبرع بيها لأمى
ده قرار داخلى بينى وبين ربنا.
المهم لغاية ما وصلت لها وساعة ما وصلت لها
بالسلامة قالت: "إنت جيت يا حبيبى"،
قلت لها: "جيت يا أمى إن شاء الله."
قالت"طيب أمك بقى لها واحد وعشرين يوم ما بتاكلش"،
قلت لها: "أمال ايه يا أمى؟!"،
قالت:"ياولدي كباية ينسون الصبح،وكباية آخر النهار!"،
ساعتها انقبضت من كلامها،
تانى يوم الصبح، سألتها:" كان مرض يا أمى؟"
قالت: "لأ أنا مباكلش،
ولكن ما دام إنت جيت يا حبيبى أنا حاكل معاك"
فأكلت معايا، تانى يوم بسألها تاني: "هل كان مرض،
حالة مرض يا أمى؟!"،
قالت: "لأ خلاص سلمت..."،
ماليش اتدخل فى حاجات زى دى،
تانى يوم وأنا قاعد معاها كانت أم مصطفى موصيانى
قالت: "أما تروح عند أمك بالسلامة،
هات لى طرحة من طرحها القديمة
اللى بتلبسها عشان احطها على راسى؛
لأن راسى دايما بتوجعنى أما ألبسها،
ببركتها ربنا حيشفينى." .
فى الوقت ده كنت بغسلها ايدها،
بصب عليها الماء،
وهى تغسل قلت لها:" يا أمى أم مصطفى بتسلم على حضرتك، وعايزه طرحه من طرحك القديمة
عشان خاطر تحصل لها البركة."،
قالت لى: "شيل اللى على راسى"،
فانا طبعاً مقدرش احنا نقصد حاجة قديمة يعنى
كانت لابساها قبل كده،
إنما اللى لابساها دى جديدة،
وحاجة حلوة خالص قلت
لها: "يا أمى مقدرش اشيل دى أبداً"،
قالت: "لأ شيلها هو فيه أغلى من إبراهيم،
وولاد إبراهيم عندى..."
"يا أمى ،
مش دى اللى أنا اقصدها"،
قالت: "أنا أمك بأمرك قول حاضر،
والله ما أنا غالسة إيدى ألا لما تشيلها،
وتروح تحطها فى شنطتك كمان وتيجى"،
انا شيلتها، ومسكتها بايدى،
بس بقيت متألم قوى قوى قوى،
فى يوم تانى كنت محضر لها زجاجة مياه حلوة،
وكانت المياه الحلوة قليلة جداً هناك
بتيجى من محافظات لسيدى أبو الحسن،
فكنت محضر لها زجاجة فيها مياه حلوة
ولاففها فى فوطة صفراء مبلولة،
وحاطتها فى الشباك عشان لما تحب تشرب مياه ساقعة،
فانا قاعد معاها كده عليها رضوان الله
قالت لى:"أمك عايزة تغسل ايدها يا إبراهيم"،
تحت السرير طبق صاج فيه صابونة،
والفوطة فى ايدها على طول، والزجاجة.
وفيه أبريق بجانب الطبق من مياه البئر المالحة
فأنا طبعا رحت مادد ايدى على زجاجة الميه الحلوة
أصب لها على إيدها فمدت إيدها يدوب لفت إيدها
قالت لى: "يا إبراهيم"،
قلت لها: "نعم"،
قالت: "الميه دى حلوة يا ولدى"،
قلت لها: "نعم يا أمى حلوة"،
قالت: "خاليها لحبايب سيدى أبو الحسن"،
قلت: "يا أمى دي كباية بسيطة"،
قالت:" أبداً خليها لحبايب،
وزوار سيدى أبو الحسن."،
قلت:"يا أمى ده حاجة بسيطة"،
قالت: "خاليها لحبايب سيدى أبو الحسن."
أنا اتحايل عليها،
وهى ترفض.
لغاية ما قلت لها: "عشان خاطرى"،
أما كررتها،
قالت لى: "أنا أمك وبأمرك يا بن القلب"،
قلت: "حاضر يا أمى..."،
حطيت الزجاجة مسكت الأبريق اللى فيه الميه المالحة،
ولكن أنا شايف يد أمى هى يد السيدة زينب،
أو ستنا فاطمة الزهراء،
أو السيدة نفيسة
يعنى يد النبى صلى الله عليه وسلم،
مش يد أمى وخلاص مهانش عليا فلقيتها بأيدها كده،
واشارت على صدرى
قالت: "صب على أمك،
احنا عارفينك من جواك اكثر من نفسك يا بن القلب.
فصبيت عليها، وبقيت متألم.
تانى يوم مليت بستلة ميه حلوة،
ورحت دورة المياه فى الشقة الثانية
اللى يمت المطبخ عشان استحمى،
ودخلت الحمام، وقلعت هدومى،
ومليت الكباية لقيت ربنا ذكرنى بموقف أمى،
لو انا استحميت بالميه دى أبقى أنا مش مقتدى بأمي،
فربنا عشان بيحبني، وأنا فى حجرهم؟
وأراد يكرمنى ذكرنى فصبيت الكباية تانى
ولبست هدومى وطلعت البستله على أساس أملاها
ميه مالحة عشان أمى استخصرت
فى ايدها حبة ميه حلوة صغيرة،
فلما لبست هدومى،
وطلعت البستلة على باب الحمام
عشان أغيرها لقيت الرسول جاى
– شخص من عند أمى - "فين العمده؟"،
"أهوه"، قالت:"تعالى كلم أمك" ،
"نعم يا أمى" أول كلمة لها
قالت: "متحطش على جتتك ميه مالحة أبداً
روح استحمى يا بن القلب.".
نقرأ هنا ايه بقى؟
إن الإنسان في تعليمه معاهم ميقلش دى بسيطة ويفوتها،
والتانية يعلم ان هما معاك حق وحقيقى.
ويقرأ عنهم قوله تعالى
" وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ" ( ).
يعنى حرمت على نفسها كباية ميه حلوة،
وحللت لى بستلة ميه حلوة،
يعنى هما شغالين مع ربنا بتتحقق فيهم الآيات،
فيه حاجة كمان من بعض توجيهاتها،
أو تعليمها تقول لى يا إبراهيم لما تبقى قاعد فى بيت وسط أولادك ويدخل عليك ضيف،
أو أى حد فمثلا كباية انكسرت،
طبق وقع حاجة حصلت اوعى تقول زى الناس التانيين،
أوعى تقول اللى دخل علينا ده مش كويس،
احنا منقلوش ده،
ولكن نقول ببركة اللى دخل علينا ربنا خففها.
وفى يوم كان فيه واحد جاى لى من مصر
على باب الأوضة فى بيتى احنا هنا فى الشهداء أهوه.
وهو داخل وبقوله اتفضل على أوضة الجلوس
كانت أم مصطفى واقفه تعمل الستارة بتاعت الشباك
عندما جه على باب الأوضة راحت هى وقعت فى الأرض،
هى اتخضت وهو اتخض،
فقلت لها: "الحمد لله،
احمدى ربنا ده لولا وجود الشيخ فلان -
أخويا اللى جه من مصر -
لكانت حتبقى كبيرة لكن ربنا خففها ببركته،
احمدى ربنا إن ربنا جابه دلوقتى."،
الراجل ردت فيه الروح ووجهه اِحمَر،
وقعدنا ومحصلش حاجة
وكان ده من ضمن توجيهاتها النبوية الغالية.
يتبع بمشيئة الله ......
.