.
ذاكرة العشق.
"17"
قالت أمي لي: "أما تكون لابس بدلتكك، ومتعطر، وحالق، ورايح شغلك، ومتوضى،
وطاهر وكنت ماشي، لقيت الزبالة وقعت من فوق، وجت عليك، أوعى تبص لفوق، وتتكلم بص لهدومك، ونفسك. لقيتها حاجة تتنفض، نفضها وامشى، حاجة تتغير ارجع غيرها، ومتتكلمش." .
حصل لي ده وأنا ساكن فى مساكن الشهداء، وربنا خلاني نفذت التعليمات بتاعتها، وإللى كان قصادنا فى العمارة التانية،
زوجته وهي بترمي حاجة مش تمام فوقعت على هدومي، ونفذت تعليمات أمي،
فضلت كل متشوفني عشان أنا متكلمتش طول ما احنا عايشين تحترمني أكتر من اللازم.
وأمى قالت لى حاجة تانية، "لو إن إنت ماشي فى الطريق، وواحدة جت، بصقت عليك، وقالت ابن الكلب صفته كذا وكذا.
"، قلت لها:" أيوه يا أمى أعمل إيه؟"، قالت امسح اللى عليك،
وامشي، قلت لها: "ماهو ممكن كدا يا أمي والناس نفوسها ضعيفة ممكن يستضعفونى و يزيدوا فيها.
" قالت: "أصل احنا مش بنعاملهم يا حبيبي، احنا بنعامل ربنا يا ولدي.
"، وده حصل لي عند سيدى شبل، واحدة من المسيئات أساءت إلى وشتمت، وعملت الكلام دهوة، بصقت بس مجتش علي.
وربنا سخر لي ناس – وناس إيه من اللى بيقولوا محدش قادر عليهم- قعدوني على كرسي، وقالوا لي: "دي صفتها كذا وكذا"، و اتلموا علي صاغ سليم ، وبرضوا مشيت.
وده من ضمن تعاليمها عشان الواحد ميخطأش يقول يا حبيبي إحنا بنعامل ربنا مش بنعامل الناس.
قعدت معاها في حميثرا للمرة الأخيرة، حوالي واحد وعشرين يوم، أو اثنين وعشرين يوم، وفى يوم بقولها: "يا أمى"،
قالت: "نعم"، بقول لها: "أنا يعني كده قلقان من جهة البيت."، قالت: "ليه؟"، قلت لها: "المادة كانت بسيطة متكفيهمش المسافة دي كلها"، قالت: "بعتنا لهم يا روح أمك."، اطَّـمنت.
وفضلت معاها لغاية ما جيت هنا.
وقالت أم مصطفى إن فلان الفلاني جاب ظرف فيه كذا وكذا قد المرتب مرتين مثلا.
اللهم صل على الحبيب النبي، ولما كنت بقعد معاها كل ليلة كانت تقول: "ولعو النور "، وكانت الساعة بتكون اثنين بالليل، وتقول: "هاتوا العمده"، وأنا كنت رايح لها بالقصيدة الثانية، احنا قولنا الأولانية إللى هي "الحسينية الزكية"، رحت لها بالقصيدة , بقيت هنا قلقان وتعبان كل شوية اتصل بمصر أسأل عليها: "يقولوا مجتش"، طيب أنا عارف إنها مجتش، وأمي قالت إنها مش جايه تاني- يبكي حضرة العمدة أثناء التسجيل –
بس شوقي غالبنى، وشاغلني قعدت لغاية ما قلت القصيدة الثانية إللي هى سمعتها هما الاثنين فقط(الحسينية الزكية و يا ساكني بحميثرا) دول اللى سمعتهم بقول فيها: "يا ساكني حميثرا"
يا ساكني بحميثرا
دمعي على خدي جرى
روحي تهيم إليكمو
تطوي الفيافي والقرى
والنوم فارق مقلتي
يا سادتي مما جرى
طال انتظاري وليس لي
عين لغيركم ترى
ويهيم قلبي كلما
لزكيتي يتذكرا
ويزيد فى دقاته
شوقا لوادي حميثرا
امي زكية مريم
بل زينب الحاضرا
نسل النبي محمد
جد الحسين الطاهر
ياروحي روحي وسلمي
ع الشاذلي غوث الورى
واستسمحيه فى أمنا
دمع الأحبة قد جرى
يا شاذلي اعطف علي
صب أتاك حميثرا
صب أتاك متيم
فى دمعه بل الثرى
يستسمحك فى أمه
حتى تعود القاهرا
تخضر أعواد لها
بحسيننا والطاهرا .
وكان فيها كام بيت كده لما سمعتهم انبسطت أوي اوي، وقالت لي"يا إبراهيم سجلها إنت وولادك، وغنيها إنت واخواتك إللى من قبلي بره دهم كلهم، قعدت أغنيها، ويردوا على الصعايدة، لغاية لما جه محمد عبد اللطيف ، وكان طالع من عند أمي، وبيضحك، وبيقول لي: "أمك بتقول لك قاهرة تاخدك، وتاخد أبوك يا بن القلب!، يعنى أنا جايه مش راجعة - حضرتها تقصد أنا جايه مش راجعه من حميثرا - " فأنا جيت على الكلمة " حتى تعودا القاهرا " وعلمت عليها بالأحمر، وجينا الساعة اثنين بالليل قالت: "ولعوا النور وهاتوا العمدة"، قعدت معاها قالت لي: "قول القصيدة."، فأنا قلتها، وسبت البيتين "حتى تعود القاهرة" قالت لى: "إنت نطيت حاجة؟!"، قلت لها: "أيوه يا أمى"، قالت: "ليه؟"، قلت لها: "محمد أخويا طلع قال كذا"، قالت: "محمد قالك، أنا قلت لك؟!"، قلت لها: "لأ."، قالت: "خليها زي ما هي". دلوقت أنا كتبتها وربنا زود عليها رزقت حاجات حلوة، وكل ما أقعد مع القصيدة تزيد، والقصيدة كاملة كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
رحمة الله وبركاته عليكم آل البيت
يـا ســـاكنى بحميثـرا دمعـى علـى خـدى جرى
روحــى تهيـم إليكمـو تـطـوى الفيــافى القرى
والنـوم فـارق مقلتــى يــا سـادتى مما جــرى
طـال انتظارى وليـس لى عـيـن لغيـــركم تـرى
ويـهـيــم قلبـى كلمـا لزكيتــى يتــذكـــرا
ويـــزيـد فـى دقاتـه شوقـاً لـوادى حمـيثــرا
أمـى زكيــة مـريـم بـل زينــب الحـاضـرا
نســل النبى محمـــد جــد الحسيــن الطاهـرا
*********************
ياروحى روحى و ســلمـى ع الشاذلـى غــوث الـورى
واستسمحـيه فــى أمنــا دمــع الأحبــة احمـــرا
يا شاذلى اعطـف علـــى صــبٍ أتـــاك حميـثـرا
صــب أتــاك مــتيـم فـى دمــعـه بل الثــرى
يستسـمحك فـــى أمـه عــودا بـــها للقـاهــرا
يخـضـر أعــواد لهــا بحســيـنـنـا و الطـاهـرا
***********************
يا شــاذلى عذراً لمــن يـأتـــى حمـاك مكـــررا
والدمــع فـوق خـدوده عـــن أمـــه مستـخـبـرا
ذاب الفــؤاد و عـلتـى عـن مـهجـتى لـن أصـبـرا
فزكـيتـى هـى قـدوتى لــوسيـلتـى خيــر الـورى
و هــى التــى لـوفائها دام العـطــاء مــع القــرى
و هــى التــى لحنانها صخـــر الجبـــال تـأثـرا
و هــى التى جادت بمـا تمـلــك يــداها و أكثــــرا
و هــى التــى زانـت طـريـــق الشــاذلى الأوعرا
و كـأنهـا الشمـس التـى ضـــأت بــوادى حميثـــرا
و كـأنهـا البــدر الذى يمـحــو الظــلام إذا ســرى
و كـانها النجــم الذى يهــدى البصيــر الحــائرا
و كــأنها البحـر الذى يــروى الثـــرية و الـثرى
و كـأنهـا النبـت الذى بيـــن الأحبـــة أثمـــرا
وكـأنها البــاع الـذى طــال السحـــاب فأمــطرا
وكـأنها الجبــل الـذى دومـــا يــؤب و يشــكـرا
وكــأنها الحوض الـذى يـــروى الظمـــأ بلا مـرى
وكـأنها الصـوت الـذى فـــوق المـــآذن كبـــرا
و كـأنها النــور الـذى مـــس الضـريــر فأبصـرا
وكـأنها الركـن الـذى يـــأوى الضعيــف المعسـرا
وكـأنها الرمــز الـذى بهـر العقـــول و حيــــرا
وكـأنها سفـن النجـاة لمـــن أتــاكـم زائـــرا
وكـأنها النــص الـذى بـاســـم الإلــــه تفـسـرا
وكـأنها كهــف الغريب لمــن أتــــى مسـتنـصـرا
كــم فـرجت من كـربة لمـــــا رأت مـتـعســـرا
كــم أحسـنت لمـسيئها مهمــــا أســـاء و كــررا
كـــم آثرت عن نفسهـا لله تــرجـــو الآخـــــرة
قـامت على المعــروف للمـلهــوف عـونـا بـاهــرا
و تـقـدمــت بيمـينها تهمــى العـطــاء معطـــرا
فـمن الحـسين أصولهـا ســبـط النبــى الـمـنــذرا
و الأوليــاء جميعهـم و الأتقيــاء علـــى الـــورى
والله عنـكـم سـادتى بكتــابـــه قـد أخبـــــرا
و لهـذا روحـى بعتهـا للـــه و اللـــه اشـتــــرى
وعـلى الكـريـم توكلى يـا شــاذلـى مــاذا تـــرى
إنــى أتيتــك سيـدى مــع أنــنى مــتـأثـــرا
أهــدى إليــك تحـيـة أهــــدى ســلامـا عـاطـرا
ثـم الصــلاة على النبى و آلـــــه خيـــر الـــورى
ابن الزكية رضى الله عنها
(ابراهيم العشماوى)
(العمدة)
ميت شهالة – الشهداء – محافظة المنوفية
التاريخ/ 7/10/1982م
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
يتبع بمشيئة الله